يذكر فوزي أنه برغم إخلاصه في خدمة الكنيسة فإنه كانت تؤرقه ما يسمونها "أسرار الكنيسة السبعة" وهي: سر التناول، وسر الميرون، وسر الكهنوت... الخ.
وأنه طالما أخذ يفكر ملياً في فكرة الفداء أو صلب المسيح ـ عليه السلام ـ افتداءً لخطايا البشرية كما يزعم قسس النصارى و أحبارهم، وأنه برغم سنه الغضة فإن عقله كان قد نضج بدرجة تكفي لأن يتشكك في صحة حادثة الصلب المزعومة.
وهي أحد الأركان الرئيسية في عقيدة النصارى المحرفة، ذلك أنه عجز عن أن يجد تبريراً واحداً منطقياً لفكرة فداء خطايا البشرية.
فالعدل و المنطق السليم يقولان بأن لا تزر وازرة وزر أخرى، فليس من العدل أو المنطق أن يُعَذَّب شخص لذنوب ارتكبها غيره.
ثم لماذا يفعل المسيح عليه السلام ذلك بنفسه إذا كان هو الله و ابن الله كما يزعمون؟.. ألم يكن بإمكانه أن يغفر تلك الخطايا بدلاً من القبول بوضعه معلقاً على الصليب؟
ثم كيف يقبل إله ـ كما يزعمون ـ أن يصلبه عبد من عباده، أليس في هذا مجافاة للمنطق وتقليلاً بل و امتهاناً لقيمة ذلك الإله الذي يعبدونه من دون الله الحق؟
وأيضاً كيف يمكن أن يكون المسيح عليه السلام هو الله و ابن الله في آن واحد كما يزعمون؟
كانت تلك الأفكار تدور في ذهن الفتى و تتردد في صدره، لكنه لم يكن وقتها قادراً على أن يحلل معانيها أو يتخذ منها موقفاً حازماً، فلا السن تؤهله لأن يتخذ قراراً ولا قدراته العقلية تسمح له بأن يخوض في دراسة الأديان ليتبين الحقائق واضحة، فلم يكن أمامه إلا أن يواصل رحلته مع النصرانية ويسير وراء القسس مردداً ما يلقنونه له من عبارات مبهمة.
ومرت السنوات، وكبر فوزي وصار رجلاً، وبدأ في تحقيق أمنيته في أن يصير قساً يشار إليه بالبنان، وتنحني له رؤوس الصبية والكبار رجالاً و نساءً ليمنحهم بركاته المزعومة ويجلسون أمامه على كرسي الاعتراف لينصت إلى أدق أسرار حياتهم، ويتكرم عليهم بمنحهم الغفران نيابةً عن الرب!!
ولكن كم حثهم على أنهم يقولون ما يريدون في حين أنه عاجز عن الاعتراف لأحد بحقيقة التساؤلات التي تدور بداخله والتي لو علم بها الآباء القسس الكبار لأرسلوا به إلى الدير أو قتلوه.
ويذكر فوزي أيضاً أنه كثيراً ما كان يتساءل:
"إذا كان البسطاء يعترفون للقس، والقس يعترف للبطريرك، والبطريرك يعترف للبابا، والبابا يعترف لله، فلماذا هذا التسلسل غير المنطقي؟... ولماذا لا يعترف الناس لله مباشرةً و يجنبون أنفسهم شر الوقوع في براثن بعض المنحرفين من القسس الذين يستغلون تلك الاعترافات في السيطرة على الخاطئين واستغلالهم في أمور غير محمودة؟".
لقد كان القس الشاب يحيا صراعاً داخلياً عنيفاً، عاش معه لمدة تصل إلى تسعة أعوام، كان حائراً بين ما تربى عليه وتعلمه في البيت و الكنيسة، وبين تلك التساؤلات العديدة التي لم يستطع أن يجد لها إجابة برغم دراسته لعلم اللاهوت وانخراطه في سلك الكهنوت.
وعبثاً حاول أن يقنع نفسه بتلك الإجابات الجاهزة التي ابتدعها الأحبار قبل قرون ولقنوها لخاصتهم ليردوا بها على استفسارات العامة برغم مجافاتها للحقيقة والمنطق والعقل.
لم يكن موقعه في الكنيسة يسمح له أن يسأل عن دين غير النصرانية حتى لا يفقد مورد رزقه وثقة رعايا الكنيسة، فضلاً عن أن هذا الموقع يجبره على إلقاء عظات دينية هو غير مقتنع بها أصلاً لإحساسه بأنها تقوم على غير أساس، ولم يكن أمامه إلا أن يحاول وأد نيران الشك التي ثارت في أعماقه ويكبتها، حيث إنه لم يملك الشجاعة للجهر بما يهمس به لنفسه سراً خيفة أن يناله الأذى من أهله والكنيسة، ولم يجد أمامه في حيرته هذه إلا أن ينكب بصدق وحماسة سراً على دراسة الأديان الأخرى.
وبالفعل أخذ يقرأ العديد من الكتب الإسلامية، فضلاً عن القرآن الكريم الذي أخذ يتفحصه في إطلاع الراغب في استكشاف ظواهره وخوافيه، وتوقف و دمعت عيناه وهو يقرأ قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [سورة المائدة: 116-117].
قرأ فوزي تلك الكلمات وأحس بجسده يرتعش، فقد وجد فيها الإجابات للعديد من الأسئلة التي طالما عجز عن إيجاد إجابات لها، و جاء قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59].
لقد وجد أن القرآن الكريم قدم إيضاحات لم يقرأها في الأناجيل المحرفة المعتمدة لدى النصارى. إن القرآن يؤكد بشرية عيسى عليه السلام وأنه نبي مرسل لبني إسرائيل ومكلف برسالة محددة كغيره من الأنبياء.
كان فوزي خلال تلك الفترة قد تم تجنيده لأداء الخدمة العسكرية وأتاحت له هذه الفترة فرصة مراجعة النفس، وقادته قدماه ذات يوم لدخول كنيسة في مدينة الإسماعيلية، ووجد نفسه ـ بدون أن يشعر ـ يسجد فيها سجود المسلمين، واغرقت عيناه بالدموع وهو يناجي ربه سائلاً إياه أن يلهمه السداد ويهديه إلى الدين الحق.
ولم يرفع رأسه من سجوده حتى عزم على اعتناقه الإسلام، وبالفعل أشهر إسلامه بعيداً عن قريته وأهله خشية بطشهم وإيذائهم، وتسمى باسم "فوزي صبحي عبد الرحمن المهدي".
وعندما علمت أسرته بخبر اعتناقه الإسلام وقفت تجاهه موقفاً شديداً ساندتهم فيه الكنيسة وبقية الرعايا النصارى الذين ساءهم أن يشهر إسلامه، في حين كان فوزي في الوقت نفسه يدعو ربه ويبتهل إليه أن ينقذ والده وإخوته ويهديهم للإسلام، وقد ضاعف من ألمه أن والدته قد ماتت على دين النصرانية.
ولأن الدعاء مخ العبادة فقد استجاب الله لدعاء القلب المؤمن، فاستيقظ ذات يوم على صوت طرقات على باب شقته ، وحين فتح الباب وجد شقيقته أمامه تعلن رغبتها في اعتناق الإسلام.. ثم لم يلبث أن جاء والده بعد فترة ولحق بابنه وابنته على طريق الحق.
ومن الطريف أن يعمل فوزي ـ الآن ـ مدرساً للدين الإسلامي في مدارس منارات جدة بالمملكة العربية السعودية.
أما والده فقد توفاه الله بعد إسلامه بعام ونصف.. وتزوجت شقيقته من شاب نصراني هداه الله للإسلام فاعتنقه وصار داعية له، وهو يعمل حالياً إماماً لأحد المساجد بمدينة الدوحة بدولة قطر حيث يعيش مع زوجته حياة أسرية سعيدة. منقول
وأنه طالما أخذ يفكر ملياً في فكرة الفداء أو صلب المسيح ـ عليه السلام ـ افتداءً لخطايا البشرية كما يزعم قسس النصارى و أحبارهم، وأنه برغم سنه الغضة فإن عقله كان قد نضج بدرجة تكفي لأن يتشكك في صحة حادثة الصلب المزعومة.
وهي أحد الأركان الرئيسية في عقيدة النصارى المحرفة، ذلك أنه عجز عن أن يجد تبريراً واحداً منطقياً لفكرة فداء خطايا البشرية.
فالعدل و المنطق السليم يقولان بأن لا تزر وازرة وزر أخرى، فليس من العدل أو المنطق أن يُعَذَّب شخص لذنوب ارتكبها غيره.
ثم لماذا يفعل المسيح عليه السلام ذلك بنفسه إذا كان هو الله و ابن الله كما يزعمون؟.. ألم يكن بإمكانه أن يغفر تلك الخطايا بدلاً من القبول بوضعه معلقاً على الصليب؟
ثم كيف يقبل إله ـ كما يزعمون ـ أن يصلبه عبد من عباده، أليس في هذا مجافاة للمنطق وتقليلاً بل و امتهاناً لقيمة ذلك الإله الذي يعبدونه من دون الله الحق؟
وأيضاً كيف يمكن أن يكون المسيح عليه السلام هو الله و ابن الله في آن واحد كما يزعمون؟
كانت تلك الأفكار تدور في ذهن الفتى و تتردد في صدره، لكنه لم يكن وقتها قادراً على أن يحلل معانيها أو يتخذ منها موقفاً حازماً، فلا السن تؤهله لأن يتخذ قراراً ولا قدراته العقلية تسمح له بأن يخوض في دراسة الأديان ليتبين الحقائق واضحة، فلم يكن أمامه إلا أن يواصل رحلته مع النصرانية ويسير وراء القسس مردداً ما يلقنونه له من عبارات مبهمة.
ومرت السنوات، وكبر فوزي وصار رجلاً، وبدأ في تحقيق أمنيته في أن يصير قساً يشار إليه بالبنان، وتنحني له رؤوس الصبية والكبار رجالاً و نساءً ليمنحهم بركاته المزعومة ويجلسون أمامه على كرسي الاعتراف لينصت إلى أدق أسرار حياتهم، ويتكرم عليهم بمنحهم الغفران نيابةً عن الرب!!
ولكن كم حثهم على أنهم يقولون ما يريدون في حين أنه عاجز عن الاعتراف لأحد بحقيقة التساؤلات التي تدور بداخله والتي لو علم بها الآباء القسس الكبار لأرسلوا به إلى الدير أو قتلوه.
ويذكر فوزي أيضاً أنه كثيراً ما كان يتساءل:
"إذا كان البسطاء يعترفون للقس، والقس يعترف للبطريرك، والبطريرك يعترف للبابا، والبابا يعترف لله، فلماذا هذا التسلسل غير المنطقي؟... ولماذا لا يعترف الناس لله مباشرةً و يجنبون أنفسهم شر الوقوع في براثن بعض المنحرفين من القسس الذين يستغلون تلك الاعترافات في السيطرة على الخاطئين واستغلالهم في أمور غير محمودة؟".
لقد كان القس الشاب يحيا صراعاً داخلياً عنيفاً، عاش معه لمدة تصل إلى تسعة أعوام، كان حائراً بين ما تربى عليه وتعلمه في البيت و الكنيسة، وبين تلك التساؤلات العديدة التي لم يستطع أن يجد لها إجابة برغم دراسته لعلم اللاهوت وانخراطه في سلك الكهنوت.
وعبثاً حاول أن يقنع نفسه بتلك الإجابات الجاهزة التي ابتدعها الأحبار قبل قرون ولقنوها لخاصتهم ليردوا بها على استفسارات العامة برغم مجافاتها للحقيقة والمنطق والعقل.
لم يكن موقعه في الكنيسة يسمح له أن يسأل عن دين غير النصرانية حتى لا يفقد مورد رزقه وثقة رعايا الكنيسة، فضلاً عن أن هذا الموقع يجبره على إلقاء عظات دينية هو غير مقتنع بها أصلاً لإحساسه بأنها تقوم على غير أساس، ولم يكن أمامه إلا أن يحاول وأد نيران الشك التي ثارت في أعماقه ويكبتها، حيث إنه لم يملك الشجاعة للجهر بما يهمس به لنفسه سراً خيفة أن يناله الأذى من أهله والكنيسة، ولم يجد أمامه في حيرته هذه إلا أن ينكب بصدق وحماسة سراً على دراسة الأديان الأخرى.
وبالفعل أخذ يقرأ العديد من الكتب الإسلامية، فضلاً عن القرآن الكريم الذي أخذ يتفحصه في إطلاع الراغب في استكشاف ظواهره وخوافيه، وتوقف و دمعت عيناه وهو يقرأ قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [سورة المائدة: 116-117].
قرأ فوزي تلك الكلمات وأحس بجسده يرتعش، فقد وجد فيها الإجابات للعديد من الأسئلة التي طالما عجز عن إيجاد إجابات لها، و جاء قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59].
لقد وجد أن القرآن الكريم قدم إيضاحات لم يقرأها في الأناجيل المحرفة المعتمدة لدى النصارى. إن القرآن يؤكد بشرية عيسى عليه السلام وأنه نبي مرسل لبني إسرائيل ومكلف برسالة محددة كغيره من الأنبياء.
كان فوزي خلال تلك الفترة قد تم تجنيده لأداء الخدمة العسكرية وأتاحت له هذه الفترة فرصة مراجعة النفس، وقادته قدماه ذات يوم لدخول كنيسة في مدينة الإسماعيلية، ووجد نفسه ـ بدون أن يشعر ـ يسجد فيها سجود المسلمين، واغرقت عيناه بالدموع وهو يناجي ربه سائلاً إياه أن يلهمه السداد ويهديه إلى الدين الحق.
ولم يرفع رأسه من سجوده حتى عزم على اعتناقه الإسلام، وبالفعل أشهر إسلامه بعيداً عن قريته وأهله خشية بطشهم وإيذائهم، وتسمى باسم "فوزي صبحي عبد الرحمن المهدي".
وعندما علمت أسرته بخبر اعتناقه الإسلام وقفت تجاهه موقفاً شديداً ساندتهم فيه الكنيسة وبقية الرعايا النصارى الذين ساءهم أن يشهر إسلامه، في حين كان فوزي في الوقت نفسه يدعو ربه ويبتهل إليه أن ينقذ والده وإخوته ويهديهم للإسلام، وقد ضاعف من ألمه أن والدته قد ماتت على دين النصرانية.
ولأن الدعاء مخ العبادة فقد استجاب الله لدعاء القلب المؤمن، فاستيقظ ذات يوم على صوت طرقات على باب شقته ، وحين فتح الباب وجد شقيقته أمامه تعلن رغبتها في اعتناق الإسلام.. ثم لم يلبث أن جاء والده بعد فترة ولحق بابنه وابنته على طريق الحق.
ومن الطريف أن يعمل فوزي ـ الآن ـ مدرساً للدين الإسلامي في مدارس منارات جدة بالمملكة العربية السعودية.
أما والده فقد توفاه الله بعد إسلامه بعام ونصف.. وتزوجت شقيقته من شاب نصراني هداه الله للإسلام فاعتنقه وصار داعية له، وهو يعمل حالياً إماماً لأحد المساجد بمدينة الدوحة بدولة قطر حيث يعيش مع زوجته حياة أسرية سعيدة. منقول